القائمة الرئيسية

الصفحات

وليد الشواقبة


 مشيتُ في الحُزن 

حتى لاح آخره
لم يبقَ عندي لهُ ثأر سيثأرُهُ

وحدي أنا الآن نهر لا شريك له
إلا العصافير يُبكِيها تعثّرُهُ

والليل من خارج المقهى يراقبني
كأنه قلِق أنّي سأسهرُهُ 

ونادل ظلَّ يسقيني ويشتمني
ولم أذُقْ منه ما يغوي 
أأشكرُهُ ؟! 

يقول: هذا الفتى أسقيتُه قدَحا
وما أظنّ الذي عندي سيُسكرُهُ

خذ هذه القدَح السمراء قافية
يا صاحبي إنّ أحلى الشعر أسمرُهُ

قلتُ: التمس لي ولو كأسا مُعتَّقة
من القريض الذي عاما تُخمِّرُهُ

إنّا معاشر أقوام 
بهم هوَسٌ في الذائقات
وخمر الحرف تُسْعِرُهُ

لا نقربُ الشِعر
إلا حين يطْرقنا جرح 
فنقطف معناه ونعصِرُهُ 

***

وحين يأسرنا ظبْيٌ بنظرته
نحتار من حسنه 
من أين نأسرُهُ 

وحين نهوى 
ويكسونا الهوى فرَحا
فنرتديه ويؤذينا تغيُّرُهُ

وحين نشتاق ندعو الكبرياء لكي
يقتادنا ليدِ المحبوب نُخبِرُهُ

وحين يخفُت فينا الحُبّ 
نلبس من أبلى الثياب
وننساه ونسترُهُ

وحين يقرصنا الخذلان ثم نرى
أنَّ العتاب بلا معنى 
نوفِّرُهُ

وحين يرقص في أرواحنا وجع
بكأسِ شاي وموسيقى نُخدِّرُهُ

وحين ينقص صحن الخبز 
ننظر في أطفالنا 
فأغانيهم تُكثِّرُهُ 

وحين نفتح شُبَّاك الحياة
نرى يُتْم ابن آدم 
كم دنياه تنْهرُهُ

***

أخًا يميل التفاتا 
نحو قاتله أخيه
ثُمّ يُعزِّيهِ ويعذُرُهُ 

أخطاؤنا 
قد تواري الأرض سوأتَها
والذنب كيف نواريه ونغفِرُهُ؟


شيخا غداة انتهاء الحرب
يبحث في الأشلاء
عن وطن ناج يُدثِّرُهُ

بدمع يعقوب 
يبكي فقْدَ موطنه
ولا يرى أنّ ذئبا سوف يغدِرُهُ

طفلاً 
يمُدُّ لوحش العُمر خُطوته
وأمُّه بوصايا الخوف تغمُرُهُ

كأمِّ موسى تُوصِّي البحر فيه
ولا تدري بأنّ غدا
موسى سيعبُرُهُ 

بنتًا على مطلع العشرين غاضبة
من نهدها حيث أضناها تأخُّرُهُ

بقلب مريم 
تُخفي سِرّ دمعتها
تخشى العيون الغيارى لو تُفسِّرُهُ

***

كلّ التفاسير يا عذراء ناقصة
هل يفهم الشوك وردا لا يُعطِّرُهُ؟!

صُبِّي كؤوسك لولا وقْع وخْزتنا
نبع الأنوثة لن ينصبّ كوثرُهُ

نحن الذين إذا استسقى بهم ظمأ
تخيَّر الغيمة الأنثى فتمطِرُهُ 

الوقت من دوننا مُرّ المذاق فهل 
تدري الجميلات أنَّا نحنُ سُكّرُهُ؟

ونحن فتية كهف الفاتنات
متى نلجأْ إليه يُقيِّدنا تحرُّرُهُ

لطالما ارتشفتنا شهقة امرأة
بثغرها بينما كُنّا نقشِّرُهُ

وربما عكَسَتنا ضمّة 
لنرى جمالَنا 
حين أعيانا تصوُّرُهُ

من فتنة الطرف 
بل من فرْط لهفتنا
ننسى أذى الحُبّ فينا حين نذكُرُهُ

في الليلة الألف 
قالتْ شهرزاد لنا:
لا يقتل الحُبّ مهما كان خنجرُهُ

قلنا لها: ليس منّا من يتوق إلى
فراشة تتعرَّى وهي تحذرُهُ

إنّا كبار 
كبار في مشاعرنا
لا نُرهِب الحُسْن لكنّا نوقِّرُهُ

وطيّبون 
انكسار الطين في دمنا
وطيِّب القلب كلُّ الناس تكسرُهُ

وعاطفيّون عن قصد بلا خجل
أيخجَل الورد أنّ الحُبّ جوهرُهُ؟!

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق

إرسال تعليق