لنا وطنٌ مُسِنّ صار ذكرى |
نوافذُه أصرّتْ أن تفِرّا |
به الأزهارُ لا تعني ربيعاً |
ولا يعني حضورُ الشمسِ فجرا |
به سيقومُ آخِرُ خارجيّ |
وآخرُ موجةٍ ستخون نهرا |
يشيخُ على الدروبِ به حصانٌ |
يقولُ له الضحى : مازلتَ مُهرا |
حقائبُ غيمِه ظلّتْ خراجاً |
وسنبلُه يجوع به ويعرى |
حَلَمْنا أن ننامَ على يديه |
وكانَ لنا مآربُ فيه أخرى |
ولكنّ البنادقَ أجّلته |
فنمنا في حروبِ السهوِ عُمْرا |
لنا غسقُ المَشيبِ وضَفّتاهُ |
ونافذتانِ تلتقيانِ سرّا |
وخارطةٌ توسّلْنا إليها |
لتمنحَنا إلى المعنى ممرّا |
فقصّ الحاكمونَ ضفيرتيها |
وباعوا رملَها الذهبيّ جهرا |
دموعاً في أعالي النخلِ كنّا |
وحين بكى سقطْنا منه تمْرا |
لنا الليل المُتبّلُ بالأغاني |
وكَرّامونَ يحتشدون خمرا |
سلاماً يا كؤوسَ الأمسِ ، كُوني |
إلى غيبوبةِ الأشياءِ جسرا |
وإنْ سألَتْ عنِ الريحِ الصواري |
فقولي : هُمْ بحزنِ الريحِ أدرى |
وقولي : إنهم ألواحُ سُهدٍ |
ستُنجبُهم مرايا الوجدِ سُكْرا |
وهُمْ ظمأُ الحروبِ إلى ذويها |
وتأريخُ الرصاصِ إذا اكفهرّا |
وهُمْ فزعُ المراكبِ في هزيعٍ |
به لمْ تلْقَ غيرَ الموجِ قبرا |
سَليلو أنهرٍ حزِنتْ كثيراً |
فسارت للغموضِ بغيرِ مجرى |
وهُمْ أحلامُ مسجونٍ تَماهى |
مع السجّانِ والجدرانُ تَضرى |
كما انقرضتْ خطى ساعي بريدٍ |
ولمْ تزلْ الرسائلُ فيه تترى |
سينقرضون في يومٍ وتبقى |
ملامحُهم على الأبوابِ حِبْرا |
فيهمِسُ عابرٌ : هُمْ لن يعودوا |
وأرضٌ بعدَهم ستفوحُ هجْرا |
سلاماً للبلادِ تصيرُ فخّاً |
سلاماً للغصونِ تشيخُ خُضرا |
سلاماً للخليفةِ في عُلاهُ |
يبيعُ مدينتينِ ليستقِرّا |
لهُ أجرانِ حينَ يخوضُ حرباً |
وإنْ نَفِدَ الجنودُ ينالُ أجْرا |
يُفكّكُ بلبلاً ليزيلَ لَحْناً |
ويسحقُ قريةً حتّى يمُرّا |
تعليقات
إرسال تعليق